الزواج.. مشكلة تبحث عن حل

مصطفى حسن الإثنين فبراير 08, 2010 7:07 pm

* الزواج نقطة محورية فاصلة في الثقافة المصرية والعربية باعتباره مؤسسة تصون القيم وتحفظ للمجتمع تماسكه وأنسابه وطهارته.. فبه تقام الأسر. وينعم المجتمع بالسلام والاستقرار الاجتماعي.. لكن ثمة تغيرات لحقت بالزواج. وغيرت أنماطه. وارتفعت بمتوسطات الأعمار لدي المقبلين عليه من الجنسين بنسب متفاوتة. حتي أن هناك أكثر من مليون شاب وفتاة في مصر تجاوزوا الثلاثين بلا زواج.. وثمة عدد آخر فاتهم قطار الزواج.. وصاروا لا يرجون نكاحاً للأسباب ذاتها.. فلماذا تأخرت سن الزواج في مصر علي هذا النحو.. وهل يمثل ذلك ظاهرة تستوجب البحث والدراسة والحلول.. السؤال طرحه مركز معلومات مجلس الوزراء وحاول الإجابة عنه في تقرير أخير أصدره لهذا الغرض..
* بداية.. تساوت حظوظ الرجال والنساء فيما يتعلق بمعدل الزواج في مصر. بنسبة 63.4% للإناث المتزوجات في عمر 16 عاما. و63.8% للذكور في عمر 18 عاماً.. فيما بلغت نسبة من لم يتزوج من الرجال 33.5% مقابل 24.2% للنساء. وارتفعت متوسطات أعمار الذكور عند الزواج إلي 29 عاماً مقابل 24 عاماً لدي الإناث في عام 2008.. وطبيعي أن تتفاوت النسب باختلاف المناطق السكنية بين الريف والحضر. وحتي بين المدن بعضها البعض وباختلاف المستوي التعليمي.
* ورغم ذلك فثمة اتجاه عام نحو الزيادة في معدل الزواج الإجمالي في مصر. بلغ 7.6. و8.8 عقد زواج لكل ألف نسمة في عامي 1990. 2009 علي الترتيب. وتزداد النسبة في الريف إلي 10.4. وتبلغ ذروتها في محافظة بورسعيد بمعدل 14 عقد زواج لكل ألف نسمة. بينما تبلغ حدها الأدني في محافظة الجيزة بمعدل 3.1 عقد زواج.
والسؤال لماذا تأخرت سن الزواج في مصر علي هذا النحو.. وهل لذلك أثر علي زيادة عدد المواليد أو قلة عدد الوفيات من الأطفال الرضع.. ؟!
* أسباب عديدة تقف وراء ارتفاع سن الزواج عندنا وفي مقدمتها البطالة والظروف الاقتصادية الصعبة. في مقابل التكاليف الباهظة للزواج عندنا. وإلي جانب دخول المرأة إلي سوق العمل. وزيادة المستوي التعليمي.
* بعض الدول العربية تعاني هي الأخري ارتفاعاً ملحوظاً في تأخر سن الزواج. بدرجة تفوق مصر كثيراً. فنسبة من لم يسبق لهم الزواج في الفئة العمرية من 30 - 34 عاماً تبلغ نحو 38.7% في تونس. 36.1% في لبنان. 22.9% قطر. 19.5% سوريا.. وفي مصر 11.7% أما السعودية فتبلغ 11.4% من إجمالي الفئة العمرية نفسها من السكان.. كما ينخفض متوسط عمر الإناث عند الزواج في مصر إلي 24 عاماً بينما يتراوح بين 22 و29 عاماً في بعض الدول العربية.
* والسؤال الذي لم يطرحه التقرير.. ما أثر تأخر سن الزواج علي معدلات الأداء والتنمية وصحة الشباب.. والإبداع والابتكار..؟!
* لاشك أن تماسك النظام الأسري يحفظ المجتمع من اهتزاز القيم وتغير منظومة التقاليد والعادات.. ويحمي الشباب من الانحراف والزواج العرفي الذي زادت نسبته مؤخراً في الجامعات. كما يقيه من شرور العلاقات الجنسية خارج مظلة الزواج.. وأتساءل أيضاً: هل لتطور تقنيات الاتصالات كالمحمول والإنترنت وانتشار غرف الشات والمواقع الاجتماعية علاقة بإعراض الشباب وانصرافهم عن الزواج..؟! * أتصور أن الأمر خطير ويحتاج إلي جهود مجتمعية لعلاج هذه الظاهرة.. فالزواج من الأمور التي لا تحتمل التأجيل.. وإلا ما دعت إليه الأديان ورغّب فيه الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم بقوله: ¢يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحفظ للفرج...¢ فهل نتحرك لتدارك هذه الظاهرة.. خصوصا أن البطالة تزداد عاماً بعد عام.. وهو ما يخلق أوضاعاً اجتماعية خاطئة وفوضي تهدد بنيان المجتمع وأمنه واستقراره.. فهل ننتبه قبل فوات الأوان..؟!